حينما أتحدث عن اسطورة خليل فأنا لا أقصد أن خليل لديه حكاية اسطورية تروي، لكنني أقصد أن خليل- ولا مكان للمبالغة هنا- اسطورة في حد ذاته.
وقبل أن تقاطعني محتجا على أن تكون هناك شخصية اسطورية اسمها خليل، وقبل أن تطالبني باختيار اسم آخر لشخصيتي الاسطورية بحجة ان خليل اسم مفرط في "عاديته" .. دعني أوضح لك ان خليل ليس شخصية وهمية ولا روائية ..خليل شخصية "اسطورية" حقيقية ( لو كان لنا أن نقول ذلك) ، خليل شخصية حقيقية بشكل مزعج (و كل الحقائق مزعجة في الواقع).
أراك لم تقتنع بما أقول .. حسنا لا بأس، أنت معذور يا صديقي فأنت لم تقابل خليل حتى الآن، ولو قابلته حتى.. أعلم أنك لن تلتفت إلي خفة دمه لأنك تنتظر شيئا أكثر اسطورية، و أعلم أنك ستحاول – للآسف – أن تبحث عن عن أي شئ أسطوري في تصرفاته لكنك لن تجد أي شيء مميز فضلا عن العثور على شيء اسطوري!، قلت لك من قبل أن خليل لا يفعل شيئا أسطوريا..خليل هو الأسطورة.
تدعي أنك فهمت قصدي وأدعي انني لو أدخلتك في غرفة تحوي خمسة أشخاص فقط، وأعطيتك أربع محاولات لتخرج خليل من بينهم لما نجحت محاولاتك.. وهذه أولي ملامح اسطورية خليل.
خليل هو أكثر انسان في هذه الدنيا اجادة لفن الظهور في الوقت والمكان غير المناسبين، وهذا فن لا يقدره الكثيرون – وأنا منهم- لكن خليل تميز فيه بحق، لدرجة أنه لو كان هناك وظيفة تشترط اجادة الظهور في الوقت والمكان غير المناسبين لكان خليل هو .. ( تتوقع أن أقول أن خليل سيكون أنسب المتقدمين لهذه الوظيفة..أنت طيب يا صديقي ).. خليل سيكون على رأس اللجنة التي ستمتحن الراغبين في هذه الوظيفة، وصدقني سيعاني هؤلاء التعساء من اختبارات قاسية، ومقابلة عمل هي الأصعب في حياتهم.
خليل – باتقانه لهذا الفن- استطاع أن يخلق لنفسه مكان مميزا في حياتي، فصرت أنتظر ظهوره كلما كان الظرف لا يحتمل هذا الظهور..لكنه حين يظهر لا أملك سوي الضحك ودعوته للجلوس ( أنا أجد دمه خفيف فعلا ).
واستمرت الحياة على هذا المنوال حتى جاء يوم لم يظهر فيه خليل.. كنت أجلس مع أميرتي جلسة لا أحب أن يقطعها علينا أي أحد، و هذا بالطبع سبب كاف ليكون ظهور خليل في حكم المؤكد.. لكنه لم يظهر!، انتظرته..لم يأت، سألت عليه .. عرفت أنه مشغول جدا، وكانت هذه كبوة خليل التي انتظرتها قليلا.. لكن خليل كان له رأي آخر.
قبل أن أكمل جلستي دون سيطرة هاجس انتظار خليل إذا "بموبايلي" يرن .. رقم غريب..ترددت قليلا ثم:
أنا:ألو
المتحدث: ألو ..استاذ أحمد حربية؟
أنا: أيوه يا فندم ..مين حضرتك؟
المتحدث: أنا (…) من المصري اليوم.
أنا: أهلا وسهلا..
المتحدث: أنا أخدت رقمك من (…) زميلي وصاحبك، وكنت عايز أسألك على حاجة
أنا: آه طبعا اتفضل
المتحدث: في واحد معاكم في الجرنال اسمه "خليل" معاك رقمه لو سمحت
أنا: (بعد أن توقفت عن الضحك بأعجوبة، و عدة اعتذرات للزميل المتحدث ) لا للآسف مش معايا رقمه..بس خليك معايا ثواني هاروح القسم بتاعه واديهولك.
اعطيت "موبايلي" لخليل معتذرا له أنني لم أقدر مواهبه و مدركا أن الظهور بهذه الطريقة لايقدر عليه سوي أسطورة.