Thursday, September 30, 2010

قطيعة


Banksy Street Art


رغم الإختلاف علي شخصية البرادعي وإمكانية التعويل عليه في تغيير سلمي إلا أن ما لا يمكن إنكاره أن الناس في القرى- وأنا من قرية تتبع طنطا أزورها بإنتظام - باتوا يتحدثون عن التغيير السياسي بصور وأشكال تناسب مواقعهم الطبقية والتعليمية بالطبع, لكن المهم أن هذا يحدث في بر مصر الآن للمرة الأولي منذ سنوات, علي الأقل السنوات التي عشتها حتي الآن.

فرصة المقاطعة التي دعا إليها البرادعي تبدو ذهبية فهي ليست مثل مقاطعة الإنتخابات في 1990 ولا إنتخابات 1995, هذه المرة مختلفة.. مصر التسعينيات ليست مصر ال 2010 بالمرة. الآن النظام السياسي في أضعف حالاته وينتظر التعلق بقشاية يثبت بها أنه نظام ديمقراطي أمام الدنيا, ورغم ذلك لا يكف عن التصريح وليس التلميح أن الإخوان لن يحصلوا الا علي مقاعد معدودة, إذن باقي مقاعد الإخوان ال 88 في الدورة السابقة ستذهب إلي نواب المعارضة- اذا كنت من المعجبين بحديث الصفقة- أو ستذهب الي نواب الوطني- اذا كنت من الواقعيين- وفي النهاية سيخرج النظام ليقول شاركت قوي العارضة بما فيها الإخوان في إنتخابات شابتها بعض الملاحظات لكنها في المجمل نزيهة وتعبر عن إرادة الناخبين الي آخر هذه التصريحات المكرورة التي بدأت تتوالي, وللمفارقة, قبل بداية الانتخابات أصلا وعلي لسان أعمدة الحزب. إذن.. مشاركة الإخوان بجانب تفويتها الفرصة علي كل قوي المعارضة"الحقيقية", ستشارك في وضع 2 كيلو مساحيق تجميل علي وجه النظام من أجل الفوز بمقاعد لن تتجاوز ال 20 مقعدًا في أحسن الاحوال.. وما إنتخابات الشورى منا ببعيد!

وبالنسبة للحجة القائلة أننا سنترك الوطني ينفرد باتخاذ القرارات في أخطر دروة برلمانية في تاريخ الحياة النيابية المصرية, إذن فليخبرني واحد من دعاة المشاركة بقرار كبير نجح نواب المعارضة والمستقلين والإخوان في منعه.. قانون الطوارئ تم تستيفه في دقائق, قانون خصخصة البنية التحتية, قوانين شراء السلاح أو بالأحرى عمولات شرائه لم يتم الافصاح عنها وغيرها من بلاوي القوانين التي مرت من تحت أنف نوابنا المعارضين.. حتى الخدمات الشعبية لأهالي الدوائر يتم استثناء نواب الاخوان والمعارضة الحقيقية منها مثل قرارات التوظيف والنقل إلي مناطق قريبة من السكن. حتي قرارات العلاج علي نفقة الدولة لم تسلم هي الاخرى من "شرشرحة" حزبية جرّ فيها نواب الوطني "زملاءهم" في الدوائر من نواب الإخوان.. إذن ما الفائدة الحقيقية من المشاركة؟.. إثبات أن الاخوان هم أكبر فصيل معارض وأنهم يشاركون من أجل الدعاية لبرنامجهم السياسي؟ يجيب أحد أصدقائي المنتمين للإخوان: مشكلتنا إننا مش عارفين نعمل إيه بعد ما فردنا عضلاتنا وأثبتنا قوتنا بمقاعد البرلمان, بما اننا بشكل عام رافضين الدخول علي منافسة علي منصب رئاسة الجمهورية؟ ولأن الأمر هكذا فإننا مستعدون للقسم أمام الإخوان: والله عرفنا ان عندكوا عضلات بس خلّونا المرة دي نلم شمل المعارضة غير الرسمية في خطوة علي طريق معركة التغيير الديمقراطي.

طيب.. إذا كانت المشاركة ليست حلاً, فهل المقاطعة بشكلها الكلاسيكي –عدم الذهاب الي الصناديق- هي الحل.. بالطبع لا, إذن لماذا لا يكون الحديث عن مقاطعة إيجابية نبتكر فيها وسائل وطرق أخري للضغط علي النظام غير الجلوس في البيت, نسبة المشاركة أصلا لم تتجاوز 23%في انتخابات الرئاسة, لماذا لا نبتكر برلمان ظل, وما اتحاد الطلاب الحر رغم ورقيته واكتفائه بالبروباجندا, منا ببعيد. نتذكر قدر الفزع الذي أصاب النظام من فكرة ازدواج سلطة صغيرة كإتحاد الطلاب داخل الجامعة, فما بالنا إذا تم التصعيد ولو بشكل دعائي بسيط والتلويح بورقة ازدواج السلطة التشريعية.. مثلا.. تحويل يوم "الإنتخابات" الي يوم "مظاهرات" أمام اللجان الانتخابية أو في مراكز رئيسية بالمدن والقرى, وتوزيع الدعاوى والبرامج السياسية للقوى المشاركة في هذه الوقفات.. هذه مجرد أفكار تنتظر عشرات الافكار الأفضل والاكثر ألمعية.. لماذا لا نبحث عن حل ثالث, غير التأكيد علي الجلوس في البيت أو المشاركة في مهزلة سخيفة وبايخة ومعروف نتائجها مسبقا.

 

© blogger beta templates | Webtalks