Friday, October 22, 2010

قال صديقي


قال صديقي:

أزمتك أنك تقترف ما تعرف أنه ليس الصواب ولا الأمثل.. يغيظني منك أن تلج حيث يقف الفطن، وأن تفطن حيث عليك ألا تفطن، وأن تناور حيث لاينغي، وأن تكتم متي لا يجوز، وأن تجهر حين لا يناسب، وأن تصارح في التوقيت القاتل، ورغبتك ألا تخسر أبدا.

قال صديقي:

انت مستعد أن تخسر بيديك أنت..شعارك بيدي لا بيد عمرو، حتي لو عمرو هيخربشك بس، انت تقتل نفسك وعمرو ميخربشكش.. وهذا يربكني.

قال صديقي:

انت عايز حل مؤسس علي خلفيات ديناميكية، وانا لا أجيد البناء إلا علي أسس استاتيكية.

قال صديقي:

أيا ما كان بيني وبينك..أيا كان الخطأ..أيا كان المخطيء فإني لا أطيق أن أشعر أن بيننا شيء ما. فليذهب كل شيء إلي الجحيم.. ولكن لا جحيم اسوأ من هذا الشعور.

قال صديقي:

الحب لا يصنع إلا حبا، والكره في القلب لا يغمره الا الحب..فأنت القلب والحب ولا شيء يفرق بيني وبينك.

* من حوار حقيقي، بتصرف بسيط.

ملحوظة: تدمرت علاقتنا بعد أيام قليلة من هذا الحوار.

Thursday, September 30, 2010

قطيعة


Banksy Street Art


رغم الإختلاف علي شخصية البرادعي وإمكانية التعويل عليه في تغيير سلمي إلا أن ما لا يمكن إنكاره أن الناس في القرى- وأنا من قرية تتبع طنطا أزورها بإنتظام - باتوا يتحدثون عن التغيير السياسي بصور وأشكال تناسب مواقعهم الطبقية والتعليمية بالطبع, لكن المهم أن هذا يحدث في بر مصر الآن للمرة الأولي منذ سنوات, علي الأقل السنوات التي عشتها حتي الآن.

فرصة المقاطعة التي دعا إليها البرادعي تبدو ذهبية فهي ليست مثل مقاطعة الإنتخابات في 1990 ولا إنتخابات 1995, هذه المرة مختلفة.. مصر التسعينيات ليست مصر ال 2010 بالمرة. الآن النظام السياسي في أضعف حالاته وينتظر التعلق بقشاية يثبت بها أنه نظام ديمقراطي أمام الدنيا, ورغم ذلك لا يكف عن التصريح وليس التلميح أن الإخوان لن يحصلوا الا علي مقاعد معدودة, إذن باقي مقاعد الإخوان ال 88 في الدورة السابقة ستذهب إلي نواب المعارضة- اذا كنت من المعجبين بحديث الصفقة- أو ستذهب الي نواب الوطني- اذا كنت من الواقعيين- وفي النهاية سيخرج النظام ليقول شاركت قوي العارضة بما فيها الإخوان في إنتخابات شابتها بعض الملاحظات لكنها في المجمل نزيهة وتعبر عن إرادة الناخبين الي آخر هذه التصريحات المكرورة التي بدأت تتوالي, وللمفارقة, قبل بداية الانتخابات أصلا وعلي لسان أعمدة الحزب. إذن.. مشاركة الإخوان بجانب تفويتها الفرصة علي كل قوي المعارضة"الحقيقية", ستشارك في وضع 2 كيلو مساحيق تجميل علي وجه النظام من أجل الفوز بمقاعد لن تتجاوز ال 20 مقعدًا في أحسن الاحوال.. وما إنتخابات الشورى منا ببعيد!

وبالنسبة للحجة القائلة أننا سنترك الوطني ينفرد باتخاذ القرارات في أخطر دروة برلمانية في تاريخ الحياة النيابية المصرية, إذن فليخبرني واحد من دعاة المشاركة بقرار كبير نجح نواب المعارضة والمستقلين والإخوان في منعه.. قانون الطوارئ تم تستيفه في دقائق, قانون خصخصة البنية التحتية, قوانين شراء السلاح أو بالأحرى عمولات شرائه لم يتم الافصاح عنها وغيرها من بلاوي القوانين التي مرت من تحت أنف نوابنا المعارضين.. حتى الخدمات الشعبية لأهالي الدوائر يتم استثناء نواب الاخوان والمعارضة الحقيقية منها مثل قرارات التوظيف والنقل إلي مناطق قريبة من السكن. حتي قرارات العلاج علي نفقة الدولة لم تسلم هي الاخرى من "شرشرحة" حزبية جرّ فيها نواب الوطني "زملاءهم" في الدوائر من نواب الإخوان.. إذن ما الفائدة الحقيقية من المشاركة؟.. إثبات أن الاخوان هم أكبر فصيل معارض وأنهم يشاركون من أجل الدعاية لبرنامجهم السياسي؟ يجيب أحد أصدقائي المنتمين للإخوان: مشكلتنا إننا مش عارفين نعمل إيه بعد ما فردنا عضلاتنا وأثبتنا قوتنا بمقاعد البرلمان, بما اننا بشكل عام رافضين الدخول علي منافسة علي منصب رئاسة الجمهورية؟ ولأن الأمر هكذا فإننا مستعدون للقسم أمام الإخوان: والله عرفنا ان عندكوا عضلات بس خلّونا المرة دي نلم شمل المعارضة غير الرسمية في خطوة علي طريق معركة التغيير الديمقراطي.

طيب.. إذا كانت المشاركة ليست حلاً, فهل المقاطعة بشكلها الكلاسيكي –عدم الذهاب الي الصناديق- هي الحل.. بالطبع لا, إذن لماذا لا يكون الحديث عن مقاطعة إيجابية نبتكر فيها وسائل وطرق أخري للضغط علي النظام غير الجلوس في البيت, نسبة المشاركة أصلا لم تتجاوز 23%في انتخابات الرئاسة, لماذا لا نبتكر برلمان ظل, وما اتحاد الطلاب الحر رغم ورقيته واكتفائه بالبروباجندا, منا ببعيد. نتذكر قدر الفزع الذي أصاب النظام من فكرة ازدواج سلطة صغيرة كإتحاد الطلاب داخل الجامعة, فما بالنا إذا تم التصعيد ولو بشكل دعائي بسيط والتلويح بورقة ازدواج السلطة التشريعية.. مثلا.. تحويل يوم "الإنتخابات" الي يوم "مظاهرات" أمام اللجان الانتخابية أو في مراكز رئيسية بالمدن والقرى, وتوزيع الدعاوى والبرامج السياسية للقوى المشاركة في هذه الوقفات.. هذه مجرد أفكار تنتظر عشرات الافكار الأفضل والاكثر ألمعية.. لماذا لا نبحث عن حل ثالث, غير التأكيد علي الجلوس في البيت أو المشاركة في مهزلة سخيفة وبايخة ومعروف نتائجها مسبقا.

Tuesday, June 22, 2010

بضمان راية


لا أعرف لماذا تمنيت أن اتحدث مع الرجل الجالس بجواري. لم أستطع تأمله طويلا أثناء ركوبي، لكن ملامح وجهه المستريحة وجلسته المتأهبة لفتتا نظري.

بمجرد جلوسي اكتمل العدد المطلوب فأغلق السائق باب السيارة منبهاً " الأجرة اتنين جنيه يا بهوات"، كنت اتوقع هذا فلم أعقب. لكن، الجالس بجواري، سألني بلهجة -حاول أن تكون- غاضبة "ايه الإستغلال ده؟..مش هي المفروض جنيه ونص؟". في العادة لا أرد على هذه الملاحظات واكتفي بإبتسامة لا معني لها، لكنني استبدلتها هذه المرة بكلام -لا معني له أيضا- فقط لأتأمله أكثر.

لا شيء فيه مميز.. مصري نموذجي، لكنه كان يُكثر، دون سبب واضح، من الإطمئنان على وضع لفتي الحلوي الموضعتان على قدمه، كنت متأكد أن احداهن "بسبوسة"، ولم أستطع تخمين محتوي الثانية لكن شكل ونوع تغليفهما كان ينبيء بالمستوي المتوسط للمحل المبتاعتين منه.

فوق اللفتين كان هناك شنطة بلاستيكة صغيرة لا تظهر محتوها، وإن كانت طبيعته المكعبة واضحة. دفعني الفضول لمحاولة تخمين المحتوي، لكن خجلي من كثرة استراق النظر غلبني فحاولت كسره بالإنشغال في العبث بأزرار هاتفي المحمول.

فجأة خُيّل لي أنه يكلمني، نظرت إليه فتردد قليلا، ثم سألني " حضرتك بتفهم في الموبايلات؟". ادهشني السؤال، وترددت في الإجابة. تخيلت ما يمكن أن يحدث إن أجبت بنعم. تخيلته يعطيني احدي هذه الأجهزة الصينية متوسلا لي أن اجعله يتوقف عن تغيير خلفياته مصدرا أصوات غريبة ومزعجة كل ثلاث ثواني؛ وفي النهاية أجبت بنعم!. مع اجابتي بدا محرجا قليلا، ثم فتح الشنطة "اياها"، وأخرج منها "موبايل" جديد تماماً لم تفتح علبته بعد. اعطاه لي قائلاً: "لسه جايبه من شوية بس مش عارف هو كويس ولا لأ..ده بضمان راية!..ايه رأيك؟..هو حلو؟". صدمني السؤال فسكت قليلا لأستقر على طبيعة وطريقة اجابتي، ويبدو أن صمتي أخافه فقلت مسرعا " آه ده كويس جدا..حلو قوي ..مبروك". انفرجت أسارير الرجل و تراقصت مشاعر الفرح على وجهه، وشكرني بحرارة لا تتناسب مع حجم "الخدمة" التي أديتها له ثم قال:"أنا جايبه لبنتي..بنوته صغيرة لسه عندها حداشر سنة"..

صفعتني هذه المعلومة فترقرقت الدموع في عيني، وبذلت مجهود غير عادي كي أحبسها. اضطربت وعاودت، متلجلجا، الثناء على "الموبايل" واختياره، مدعيا أن بعض أصدقائي يملكون مثله ويقولون عنه كلامٌ جيد. وعاود هو، مطمئناً، الشكر بحرارة أشد وبإمتنان حقيقي، فما كان مني إلا أدرت وجهي بسرعة متظاهرا بالنظر من النافذة.. ومخفيا دموع بدأت تحصل على حريتها.

ظللت هكذا فترة طويلة، وظللت اتساءل عن سبب هذا التأثر الشديد من جانبي فترة أطول، حتى انتبهت على لمسة خفيفة على كتفي، نظرت إليه فربت على كتفي قائلا بإبتسامة عرفان غير عادية:"شكرا قوي يا أستاذ..ألف شكر".

 

© blogger beta templates | Webtalks