Monday, December 29, 2008

هوامش على دفتر الفتنة 9


على سبيل التصوير:

هادئة كالعصافير.. بريئة كالأطفال.

ملحوظة: لا العصافير هادئة، ولا البراءة من شيم الصغار.

الهامش التاسع:

عندما يبكي الأطفال فهم لا يريدون منك مناقشة موضوعية حول أسباب هذا البكاء من أجل الوصول إلي حل وسط يرضي أطرافا لا وجود لها..فالمنطق آخر ما يشغل بالهم. هم يريدون شيئا ما ولن ينقطع البكاء حتى يتحقق لهم ما يريدون، أو أن تنجح في جذبهم نحو شيء آخر بطريقة - تبدو لهم- مبتكرة فينشغلون بها ، بالطريقة دون الشيء ، لتبدأ ضحكاتهم المجلجلة في اضاءة حياتك من جديد.

هل أخبرتكم أن صاحبة الفتنة لم تتجاوز الثالثة من عمرها بعد؟

كانت دائما ما تغضب لأسباب يستحيل مناقشتها ، وأحيانا رغبة في أشياء يستحيل تحقيقها. تقطب حاجبيها محاولة رسم الجدية على ملامح وجهها (الحزين أبدا..الباسم دوما). تخبط في الأرض بقدميها منذرة برد فعل عنيف إن لم يتحقق لها ما تريد. تحاول اخفاء نظرة عشق تلمع في عينيها، ودمعة تدعوه لإحتضانها.

ولأنه يحبها غاضبة ، وحزينة، وباكية، كما يحبها هادئة، وباسمة، و مشرقة، كان ينسي ، أو يتناسي، كل الإجراءات المعتادة في مثل هذه الحالات.. يلجمه العشق فيصمت، ويأخذه بهاء غضبها فيعجز عن التفكير حتى يتحول غضبها إلي قلق " متي سيصالحني.. وبأي طريقة هذه المرة ؟" . يتنبه أخيرا.. يبتكر طريقة جديدة .. تنشغل بها.. تضحك، وتضيء حياته من جديد.

Sunday, December 14, 2008

هوامش على دفتر الفتنة 8


على سبيل التدوير:


كانا في اختلافهما متشابهين، وفي تشابههما مختلفين.


الهامش الثامن:


كان لكل شخص فيه رأي، ولكل صديق نبوءة، ورغم اختلاف الآراء وتنوع النبوءات إلا أن الغرابة ، أو قل الشطط ، ظلت عاملا مشتركا بينهم جميعا.

وكانت الكثرة والتنوع والغرابة أسباب كافية ، ومنطقية ، لتشويشه فترة طويلة..و كانت لتطول أكثر، و لولا أن التكرار من الأعداء الطبيعيين للدهشة لما توقف عن النقاش أو الاستفسار.. وظل الحال هكذا حتى جاء يوم حاول فيه صديق تقريب وجهة نظر- خاصة جدا- قائلا:

" لا أستبعد أن تصلك رسالة على بريدك الإلكتروني من فتاة أمريكية في العشرين من عمرها - حسناء بالضرورة- تخبرك فيه أنها لا تفهم كلمة مما تقول في الـOnline Radio الذي تعمل به لإنعدام علاقتها باللغة التي تتكلم بها، لكنها تؤكد في نفس الوقت أنها لا تتوقف عن سماعك لأن احساسك يصلها كاملا."

و ما أن انتهي من ذكر نبوءته المفخخة حتى نظر إلي صاحبنا المفتون مستطلعا تأثيرها عليه. ولأني تعودت - كما تعود صاحبي- على مثل هذه المواقف، توقعت ألا يخرج رد فعله عن استخدامها كمادة جيدة للتهريج ليس أكثر، لكني اكتشفت أني وقعت للمرة الألف في فخ التوقع مع مفتون تغيرت كل عاداته. فهو لم يبتسم أصلا، فضلا عن التهريج، ولم يعلق سلبا أو ايجابا، وإنما اكتفي بأن يسرع من خطوته حتى ابتعد عنا مسافة ألف سنة ضوئية، ثم عاد مرة أخري ليخبرنا بوجه نصف متجهم - نصف تائه أنه بحاجة إلي الذهاب، سألناه إلي أين لكنه كان قد أدار ظهره لنا.. ومضي.

وعندما قابلته بعد مرور عدة أيام طلب مني ألا اعاتبه على ما حدث، مقابل أن يخبرني عن هامش جديد على دفتر فتنته. وأخبرني - بعد أن وافقت طبعا- عما اسماه اختلاف متشابه، وتشابه مختلف. كررت الجملة وراءه مرة ثانية ، وثالثة ربما أفهمها .. ولما هممت بتكرارها للمرة الرابعة قاطعني قائلا:

" في كل مرة أسمع أحدهم يبدأ كلامه بجملة من نوعية " لن أندهش " أو "لن أستغرب" أو حتى " تخيل معي" أدرك إلي ماذا يرمي، و أرد عليه دونما كلام" بالتأكيد يا صديقي لن اندهش أو استغرب ..أو استبعد يوما ما.. أن يأتيها اتصال هاتفي من توني بلير يشكو لها عمرا فات دون أن يعرفها، ثم يحدثها بعد ذلك عن الصدفة التي قادته لمعرفتها - أخيرا- وعن جهوده لمعرفة رقم هاتفها.. وأخيرا عن رغبته في الكلام معها في موضوع بالغ الأهمية".

 

© blogger beta templates | Webtalks