1-
كنت في زيارة لمجموعة من الأصدقاء العمال في مصنع غزل المحلة. كان التاريخ 3 أو 4 ديسمبر 2006. كنت قاري كام كتاب أحمر عن نضالات الطبقة العاملة.. الروسية. كنت أحسب نفسي وقتها "شاب طبقة وسطى". كنت أعتقد أني أمتلك خبرات ثورية من الكتب إللي قريتها. كانت المجموعة العمالية الأبرز والأنشط وقتها تثق في. كان شكلي وأصولي الإجتماعية هي السبب على ما أظن. كانت زيارة معتادة للقلعة الصناعية القريبة من بيتي في طنطا. كنت جالس في صالة أحد الأماكن. كانت هناك مجموعة من العمال تدخل وتخرج من أحد الغرف.. ولم أهتم. دعوني للإنضمام إليهم؛ ودخلت.. فتمزقت كل الكتب التي قرأتها قبل هذا الإجتماع. كانوا يعرفون أني لست مجرد صحفي عمالي في جرنال "الدستور". كانوا يعرفون- على ما يبدو- أني شيئا آخر إضافي.
2-
في غرفة جانبية تحدثت هذه المجموعة أمامي عن قرار الإضراب الأكبر الذي فتح الباب للحركة العمالية المصرية. المناقشات كانت تدور حول تفاصيل الإضراب. القيادات في الغرفة الجانبية وزعوا الأدوار.. مَن سيتولي أمر تحريض الزملاء في مصنع الغزول، ومَن سيتولي تحريض الزملاء في مصنع الملابس.. وهكذا.
وحان وقت تحديد الإضراب الكبير. عمال "شركة مصر للغزل والنسيج" بالمحلة الكبرى الـ 27 ألف، امتنعوا عن تقاضي المرتب أول ديسمبر في خطوة احتجاجية أولى. الوقت يمر والإدارة لا تستجيب، فليكن إضرابا.. ولكن في أي وقت.
النقاشات الساخنة التي لا يقطعها سوى أدوار الشاي المسكر تحدثت عن يوم الخميس 7 ديسمبر 2006. وسألوني: إيه رأيك يا سيد؟. سيد استحضر سريعا الخبرات العمالية التي قرأ عنها في الكتب الحمراء، وأفتى: نبدأ يوم السبت 9 ديسمبر أفضل. ليه؟ ،سألوني، قلت: الحكومة أجازة يوم الجمعة ما يعني إستهلاك يوم في الإضراب دون بدء أي تفاوض.. وكانت اللطمة.
قالوا: م ينفعش لأن إحنا دلوقتي حاشدين 90% من عمال المصنع على قرار الإضراب، وتأخيره يومين يعني هانبدأ يوم 9 في الشهر، عندنا جمعيات ودروس خصوصية وبيوت مفتوحة من غير فلوس متشالة على جنب لطوارئ زي كدة. وقت الإضراب هانجيب نسوانا وعيالنا ونقسم اللقمة. م نقدرش نروح دلوقتي ونقول للعيال م عاناش فلوس هانكسر بنفسهم، هما ييجوا ويشوفوا إحنا بنعمل إيه وهايقدروا إننا في إضراب علشان نعرف نوفر لهم مصاريفهم.
3-
عرفت أن وعي العمال سابق وعيي.. وكل ال قريته كأنه مفيش.
4-
بدأ الإضراب يوم 7 ديسمبر، وانتصر يوم 9 ديمسبر.
5-
فآمنت بالطبقة العاملة.
كل سنة وإحنا طيبين