الآن.. *في عام 2008، من الصعوبة بمكان أن تتخيل ـ أو
تتذكر ـ كيف كانت الحياة قبل ظهور العديد من الأشياء.. "الموبايل" علي سبيل المثال، لا تذكر
ـ جيدا ـ كيف كانت الحياة قبله، ولا تعرف كيف ستكون الحياة بدونه.. حتي وإن كنت لا
تحبه.
والكثيرون لا يحبون الإخوان (سيبك بقي من موضوع الموبايل
ده)، لكن أحدهم لم يجرؤ أن يطالب بنفيهم أو إلغاء وجودهم، لأن الجميع ( محبين
وكارهين) سيتهمونه بإقصاء الآخر ونفيه.. و
لأن الإخوان ـ وإن فشلوا في أشياء كثيرة- نجحوا أن يصبحوا دائما في موقع
"الآخر".. الآخر الذي يجب أن
تكرهه و تتقبله!.
لكن قبل أن تفعل( تكره أو تحب أو ترفض).. عليك أن تسأل ما
حقيقة هذا الآخر ؟ كان هذا ـ تقريبا ـ هو
السؤال الأول الذي واجهته جماعة الإخوان المسلمين، ولذلك أجاب عنه المؤسس و المرشد الأول "حسن البنا"
في اجتماع رؤساء المناطق ومراكز الجهاد الذي عقد في 8 سبتمبر 1945 قائلا:
"سيقول الناس ما معني هذا وما أنتم أيها الإخوان ؟".. "ضعوا لأنفسكم عنواناً نعرفكم به كما تعرف
الهيئات بالعناوين".
هل لاحظت أن هذا الأسئلة مازالت تطرح حتي الآن؟.. لماذا
رغم أن البنا أجاب عنها؟.. ربما علينا
أولا أن نطلع علي إجابته.. يقول البنا:
قولوا لهؤلاء المتسائلين نحن "دعوة القرآن"
الحق الشاملة الجامعة، نحن "طريقة صوفية" نقية لإصلاح النفوس وتطهير
الأرواح وجمع القلوب علي الله العلي الكبير، نحن "جمعية خيرية" نافعة
تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر وتواسي المكروب وتبر بالسائل والمحروم وتصلح بين
المتخاصمين ، نحن "مؤسسة اجتماعية" قائمة تحارب الجهل والفقر والمرض
والرذيلة في أي صورة من الصور ، نحن "حزب سياسي" نظيف يجمع الكلمة ويبرأ
من الغرض ويحدد الغاية ويحسن القيادة والتوجيه .
هذه كانت إجابة البنا عن
التساؤلات التي طرحها دون أي تعديل، وقبل أن ترفع حاجبيك دهشة، أو
تقول إنه لم يجب إجابة واضحة،و انك لم
تفهم.. يجب أن تعرف أن "البنا"
الذي وصفه أصحابه "بالملهم الموهوب" توقع هذا التساؤل.. ولذلك قال مكملا: قد يقولون بعد هذا كله مازلتم
غامضين فأجيبوهم.. لأنه ليس في يدكم مفتاح
النور الذي تبصروننا علي ضوئه.. نحن
الإسلام أيها الناس فمن فهمه علي وجهه الصحيح فقد عرفنا كما يعرف نفسه فافهموا
الإسلام أو قولوا عنا بعد ذلك ما تريدون.
إجابة المرشد الأول واضحة لا تحتاج أي تبيان، إذا أنت لم
تفهم إجابته السابقة فذلك لأنك تعاني قصورا في فهم "الإسلام" ومن عادي
الإخوان فقد عادي الإسلام (نحن الإسلام أيها الناس).
هذه الطريقة التي بدأها المرشد الأول في الإجابة عن
الأسئلة التي تواجهها الإخوان هي نفس الطريقة التي مازال يجيب بها منظرو الإخوان
حتي الآن و بعد مرور 80 سنة، يخرج من يتكلم باسمهم أو عنهم ليقول كلاما جميلا يفند
به كل ما ينسب إلي الجماعة من سوء حتي إنك قد تشعر بالندم لإساءتك الظن بهؤلاء
الناس، لكن.. إذا حاولت أن تستعيد هذا الكلام بعد فترة ستفاجأ بأنك لا تذكر شيئا..
لأن الرجل لم يقل شيئا من الأساس والكلام لم يخرج ـ غالبا ـ عن اتهامات للناس بأنهم لم يفهموا ما
حدث أو قيل جيدا.
الإخوان المسلمون بخطابهم الذي لم يتطور كثيرا رغم مرور
80 عاما علي نشأتهم يضيعون علي أنفسهم العديد من فرص تصحيح الصورة التي ليست بدرجة
سوء الخطاب، الحراك السياسي والمجتمعي الذي سببته جماعة الإخوان في مصر علي مدار
80 عاما، وصمودهم وتمسكهم بفكرهم طوال هذه السنين رغم محاربتهم وقهرهم من كل من
تولي السلطة في مصر .. كل هذه أشياء يفخر بها الإخوان ولهم أن يفعلوا ولكن هل
يدركون أنهم يضيعون علي أنفسهم كل هذا بالخطاب "الساذج" والمواقف
"المهتزة" في كثير من الأحيان..
إن لم تكن 80 سنة مدة كافية لكي يدرك الإخوان كل هذا.. فكم سنة يحتاج الإخوان؟.
*